راهبات الناصرة

  • من أسّس جمعية راهبات الناصرة
  • راهبات الناصرة في الناصرة
  • من الناصرة إلى حيفا
  • عكا
  • شفاعمرو
  • حضورهنّ في العالم


  • من أسّس جمعية راهبات الناصرة

    اليزابيت رولا الراهبة الأولى في جمعية راهبات الناصرة  1782-1842.

    في الثالث من أيار عام 1822 "ولدت" في فرنسا جمعية راهبات الناصرة. وقد ساهم في تأسيسها ثلاثة أشخاص، الدوقة دودوفيل وهي زوجة وأم عائلة، الأب روجيه وهو راهب يسوعي واليزابيت رولا.

    ولدت اليزابيت رولا في باريس في السادس والعشرين من كانون الثاني عام 1782. نشأت في عائلة يسودها الحب والتفاهم. كان والدها قيما عند الدوق لوين ووالدتها تدير شؤون الكونتس دي أدامار. ولم تدم هذه السعادة طويلاً إذ توفي والدها ولم تبلغ بعد الثالثة من عمرها. وبقيت اليزابيت مع والدتها وأختيها.
    قامت الكونتس دي ادامار، وهي أرملة لم ترزق بأولاد، بتبني عائلة رولا. فنشأت اليزابيت في جو من الترف وروح العصر. في عام 1789 وعلى أثر الثورة الفرنسية انتقلت السيدة ادامار مع عائلة رولا للسكن في قصر في ضواحي باريس. وقد كان الأب لين الارلندي يزور القصر مهتماً بتثقيف البنات، وقد لفت نظره حدة الذكاء وقوة الذاكرة التي تمتعت بهما اليزابيت.
    أحبت اليزابيت قراءة الكتب الروحية وقصص القديسين. وقد قال عنها الأب كرو، مرشد الكونتس، والراهب اليسوعي المشهور:" ان اليزابيت سوف لا تحب إلا الله..." وسوف يدفعها هذا الحب على تنازلات واختيارات عديدة..." كان لاليزابيت لقاء مع الأب روجيه عام 1812 على مأدبة حافلة في بيت شقيقتها. وقد تميزت اليزابيت أثنائها بحدة ذكائها وعفة روحها وسرعة خاطرها. لم تعجب بالأب روجيه وقتها، "هذا الكاهن الجدي" على حد قولها... ولكن سرعات ما اتخذته مرشدها الروحي وموجه حياتها. وقد كان بمثابة نقطة الاتصال بينها وبين الدوقة دودو فيل.
    بعد وفاة والدتها وزواج أختها الكبرى ودخول أختها الصغرى الدير، أصبحت اليزابيت المعيلة الوحيدة للسيدة ادامار... ربما رغبت حينها في تقرير مصيرها عاجلاً، ولكن إرادة الله تفرض عليها إعالة وإعانة إمرأة وحيدة.
    لم تكن الأعمال الخيرية وخدمة الفقراء لتروي عطشها إلى المطلق... فقد جاء في إحدى كتاباتها عام 1810: "بينما تسعى نفسي للقيام بأعمال وتضحيات أجد في داخلي فراغاً هائلاً". وعام 1814 كتب إليها مرشدها الروحي الأب روجيه:" لا شك عندي بأن الله له مخطط خاص لك، سيعلمك عنه فيما بعد استعدي له وتوقعي معارك كثيرة وتسلحي بفضائل متينة من الشجاعة والأمانة. ونعمة ربنا تعطيك النصر على كل شيء". وفي أثناء هذه الفترة بانتظار المجهول، تعمقت اليزابيت في محبة الله وترسخت ثقتها فيه، وقد جاء في إحدى كتاباتها عام 1816:" ينبغي ألا أهتم بالغد، بل أعيش الحاضر باطمئنان... سروري أن أتمّم مشيئة الله".
    في أول اجتماع للمؤسسين الثلاثة، طلبت السيدة دودوفيل من الأب روجيه أن يعطي للآنسة اليزابيت أن تكون أول راهبة للجمعية الجديدة، "جمعية راهبات الناصرة"، أجابها الأب المرشد "طلبت مني ما لا أستطيع عمله، الله وحده يعطيك إياها، واليزابيت وحدها مسؤولة عن الإجابة لهذا الطلب..." ثم توجه إلى اليزابيت قائلاً:" فكري بأهمية المسؤولية التي أنت مدعوة للقيام بها. واعلمي أن من يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء هو غير قدير للقيام بأعمال هامة... لست اعني بذلك عدم وجود التجارب والصراعات وحتى النفور، ولكن بوجود الإرادة القوية تقفين ثابتة أمام الريح، ولا تدعي شيئاً يزعزع عزيمتك... حتى صحتك وراحتك وحياتك جميعها قربان تقدمة للذي دعاك واختارك وقلت له هاءّنذا..."
    عام 1822 وُضِع أول حجر أساس لجمعية راهبات الناصرة، وكانت اليزابيت رولا حجر الأساس الهام لهذه الجمعية. لم تبخل يوماً لا براحتها ولا بصحتها ولا بحياتها... قالت نعم للذي دعاها لتجسيد حبه في جمعية دعوتها في الكنيسة "قبول سر يسوع في الناصرة، سر الابن المتجه كلياً إلى الآب، الباذل حياته عن حب لأجل خلاص البشر".
    ولما توفيت اليزابيت عام 1842 تركت جمعية تقف على قدميها رغم الصعوبات والمحن. فكتبت السيدة دودوفيل على قبرها كلمات نشيد الأناشيد:" لم تكن حياتها سوى انتصار متواصل، انتصار الحب على الموت".

    ( مجلة راهبات الناصرة في الجليل، في ذكرى وفاة اليزابيت رولا ، الراهبة الأولى 1842-1992)



    راهبات الناصرة في الناصرة

    في كانون الثاني من عام 1855 وصلت أربع راهبات من فرنسا إلى مدينة الناصرة. سكنَّ في بيت متواضع على مقربة من كنيسة البشارة.
    بدأت الراهبات عملهن بفتح مدرسة تلاها ميتم ثم مشغل للفتيات ومن ثم مستوصف لمعالجة المرضى. وقد امتد نشاط الراهبات ليشمل النشاطات الاجتماعية والروحية عن طريق إقامة وتأسيس الأخويات والحركات المختلفة، وهكذا استطعن إشراك أكثرية أهالي الناصرة وربط صلة معهم، فتحقق للراهبات " أن يعززن نمو يسوع فيهن وفي الذين يحطن بهن".
    في عام 1885 شاءت القدرة والعناية الإلهية أن تهب الراهبات نعمة خاصة، إذ أظهرت الحفريات أثناء بناء المدرسة آثاراً قديمة تتطابق مع ما وصفه الأسقف اركولف الذي زار الأراضي المقدسة عام 670 م. كتب اركولف عن وجود كنيستين، واحدة منهما أطلق عليها اسم "كنيسة النمو". وكما يبدو فإن هذه الكنيسة قد بُنيت على آثار بيت العائلة المقدسة، وهكذا يكون الله قد خصّ راهبات الناصرة (بمعونة الصدفة الإلهية) حماية هذا المكان المقدس.
    منذ عام 1964 لبت الراهبات نداءً خاصاً لعرب الأراضي المقدسة فاتخذن على عاتقهن خدمة المعاقين في سمعهم وبصرهم ونطقهم متجاوبات في كل تواضع لنبؤة السيد المسيح في مجمع الناصرة منذ ألفي عام:" الصم يسمعون والبكم ينطقون...".
    وتستقبل الراهبات أيضا،ً في هذا البيت الكبير، حجاج الأراضي المقدسة، الذين يأتون البلاد، على خطى السيد المسيح، سعياً لنمو إيمانهم...
    جمعية راهبات الناصرة، أمس واليوم وغداً، كانت وستبقى مكان نمو السيد المسيح...



    من الناصرة إلى حيفا

    كان عام 1859 بداية عمل الراهبات في مدينة حيفا، حيث افتتحن أول مدرسة للبنات قرب شارع يافا، كما وأسسن مستوصفاً لعلاج المرضى.
    كانت المدرسة في بداية عهدها تعد مائتي طالبة فقط، إذ لم تكن البنات تذهبن إلى المدارس بعد.في عام 1911 وضع حجر الأساس للمدرسة الحالية وبعد ثلاث سنوات استولى عليها الأتراك وجعلوا منها مستشفى إلا أنها أعيدت ثانية عام 1918 على يد القائد أللنبي لتعود مدرسة لتتابع مسيرتها التربوية.
    عام 1936 م بدأت المدرسة تحضر الطالبات للحصول على شهادة جي.سي. أيG.C.E. حتى عام 1972م.
    في عام 1980 م أدخلت إلى المدرسة البرامج العلمية إضافة إلى البرامج النظرية الكلاسيكية، مثل قسم الالكترونيكا، والحاسوب وقسم السكرتارية، وعلم التدبير المنزلي.
    خرّجت مدرسة الراهبات في حيفا آلاف الطلاب وما زالت تسير على هذا الدرب، تُخرّج أجيالاً جاعلة منهم مواطنين صالحين يخوضون معركة الحياة بثقة واطمئنان...
    لقد حاولت الراهبات أن تعين حاجات المجتمع، وعملن على تطوير الأساليب التعليمية لتلائم دائماً حاجات المجتمع وتواكب تطورات العصر.
    وسط ضجيج العالم وصخب الحياة فإن الراهبات لا يزلن يعملن بإرشاد الروح القدس الذي ينفخ فيهن حب التضحية والعمل الدؤوب لخدمة المجتمع.
    تحتفظ الراهبات في تزاحم الحياة والعمل بالصمت والصلاة ليصبحن قادرات على تمييز آيات الله في العالم الذي يحيط بهنَّ ، ويشهدن في أجواء قلّة الإيمان والظلم والشك بأن ليس غير الله وحده يعطي معنى للحياة والأمل"...



    عكا

    أرسلت الرئيسة العامة عام ١٨٦١ مجموعة من الراهبات إلى مدينة عكا تلبية لطلب الأهالي الملح لتقديم المساعدات الطبية لسكان المدينة خاصة الأطفال منهم.
    وقد استأجرن غرفاً متواضعة في "حي النصارى" وأسسن مدرسة للأطفال وأخويات للنساء.
    افتقرت مدينة عكا في تلك الفترة إلى الخدمات الصحية، فأحست الراهبات بضرورة تقديم المساعدة في هذا المجال، فقمن بالانتقال لبيت آخر، وهو الدير الحالي قرب كنيسة الكاثوليك، كما وأسسن مستوصفاً ومدرسة.
    أخذت المشاريع الخيرية والتربوية بالنمو والتطور يوماً بعد يوم، وقد واصلت الراهبات العمل الدؤوب والمتواصل حتى عام ١٩١٤ ، سنة نشوب الحرب العالمية الأولى، حينها أقفل الدير حتى عام ١٩١٨  ولم يبق فيه سوى معلم من أم تركية قام بحراسة الدير.
    استأنفت الراهبات نشاطهن فور انتهاء الحرب، ليشمل أبناء عكا والقرى المجاورة، وامتد إلى قرى أبعد، معليا، ترشيحا، عيلبون، دير حنا، طرعان، الجديدة والمكر...
    خدمة الراهبات كانت تقوم على تقديم المساعدات للأهالي، ومعالجة المرضى وتلقين التعليم الديني.والتوجيهات التربوية ولم تتوقف هذه الخدمات سوى عام ١٩٧١.
    أخذت الخدمة الطبية وجهاً آخر عام ١٩٥٠ م حيث قدمت راهبة مختصة بالطب الصيدلي، فأسست صيدلية بجانب المستوصف، ولأجل خدمة أفضل تعاونت الراهبات مع كوبات حوليم سنة ١٩٦٠ في المجال الطبي، اما المدرسة فقد انضمت إلى مدرسة الرهبان الفرنسيسكان في المدينة.
    رغبت الراهبات في عكا منذ قدومهن في خدمة الناس وخاصة الفقراء منهم مطبقة ما جاء في قوانينهن "أن يسوع الناصرة كان صديق الفقراء، فكانت الرسالة بين الفقراء منذ البدء وحتى اليوم تعتبر ميزة خاصة في الجمعية. فالكل يرغب في خدمتهم، وبقربهم تتقدم الراهبات في العيش حسب دعوتهن، وفي محيط العمل، تهتم الراهبات بمؤازرة كل أنواع الفقر".



    شفاعمرو

    بيت يستقبل... مدرسة تربي... شبيبة تصلي... تحيا... تنمو.

    تقع مدينة شفاعمرو على إحدى روابي الجليل الغربي بين ثلاث مدن تتواجد فيها أديرة راهبات الناصرة: حيفا، عكا والناصرة.
    قدمت الراهبات إلى شفاعمرو سنة ١٨٦٥ بطلب من الأهالي. ومنذ ذلك الحين يسير تاريخ الراهبات مع تاريخ أبناء شفاعمرو ومعاً بالسراء والضراء.
    قامت الراهبات بخدمات عدة على مر السنين، حسب الحاجة، أول ما برزت الخدمات الصحية حيث قمن بفتح مستوصف لمعالجة المرضى خاصة وأن شفاعمرو والمنطقة كلها عامة نقصتها الخدمات الصحية في تلك الفترة. كان الجميع بدون استثناء، من دين أو طائفة، يأتون الدير لمعالجتهم، فيشفون بمجرد إيمانهم وإيمان الراهبات... ولا عجب في ذلك لأن الحب وحده يصنع العجائب...
    أما الخدمة التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا فهي خدمة التربية والتعليم. فإن مدرسة الراهبات في شفاعمرو خدمت أجيالاً وخرجت أفواجاً من رجال عظام تفتخر بهم...
    هذا ومن بين النشاطات توفير اللقاءات الروحية في داخل نطاق الدير وتنظيم الأخويات للسيدات والاهتمام بأولاد المناولة الأولى... " إن وجود الراهبات المكرسات لخدمة الله والناس لهو خير شهادة للحب الذي أحب الله به الإنسانية" قال الرب يسوع:" ما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه".
    فإن الراهبات يجسدن بخدماتهن القيم التي جسدها السيد المسيح في حياته وأوكل إلينا أن نجسدها بدورنا...

    قصة ساحة باب الدير

    مكان يعرفه الصغير والكبير في بلدة شفاعمرو، يحمل في طياته تاريخ أجيال ويحكي قصص شباب قضوا فيه ساعات طويلة...
    أجيال وأجيال مضت وباب الدير لا يزال على حاله.. إهه ملتقى شبابنا، ومكان اجتماعهم الوحيد. ما هو السر في ذلك؟ الإجابة بسيطة وواضحة للجميع، فشبابنا يعانون من عدم توفر الأندية والنشاطات الاجتماعية... يجلس هؤلاء الشباب ساعات طوال ويطول اجتماعهم حتى ساعات المساء المتأخرة، جلسات وتسامر دون جدوى...
    إن هذه الظاهرة لهي متوارثة من الأجيال السابقة وقد حان الوقت لمد يد العون لهؤلاء الشباب... إن الراهبات يفتحن لهم الدير كل يوم خاصة في ساعات المساء ويوفرن لهم النشاطات الاجتماعية والدينية.



    حضورهنّ في العالم

    ولم يكن للراهبات إلا ديران في فرنسا عندما دعاهن، بسبب اسمهن، إلى الناصرة في الجليل سنة ١٨٥٣ ، مار فالرغا، بطريرك أورشليم".
    بيوت راهبات الناصرة:

    1. فرنسا. 
    2. ايرلندا. 
    3. اسبانيا. 
    4. ايطاليا. 
    5. الأردن .
    6.  لبنان: 
      1. بيروت. 
      2. فيطرون 
      3. عين علق 
      4. كفر زينا 
    7. البلاد المقدسة 
      1. الناصرة. 
      2. حيفا. 
      3. عكا. 
      4. شفاعمرو.

    " إن الناصرة هي المحل الذي نشأ فيه يسوع: وعلى مثال مريم ويوسف يجب على الراهبات أن يسهّلن نشوء يسوع فيهن وفي من حولهن. وإنهن في سبيل البلوغ إلى هذه الغاية، ينصرفن إلى مهام التربية الإنسانية والمسيحية، لنشر الإنجيل في العائلة وفي المجتمع، مع اهتمام خاص بالشبيبة".

    "إن وجود الراهبات المكرسات حياتهن لخدمة لله والناس لهو خير شهادة للحب الذي أحب به الله الإنسانية".

    " في سبيل القيام بدعوة هامة، وفي سبيل البلوغ إلى القداسة، ماذا علينا أن نعمل؟ علينا فقط أن نعمل أعمالاً صغيرة بمحبة كبيرة" (الأب روجيه).