سر الزواج

  • طبيعة الزواج على أنه سرٌّ من أسرار العهد الجديد
  • صفات الزواج الأساسية
  • الزواج المختلط


  • طبيعة الزواج على أنه سرٌّ من أسرار العهد الجديد

    الزواج والأسرة يعدّان من أثمن خيرات البشرية. إنهما نواة المجتمع البشريّ: "إنّ عافية الشخص والمجتمع البشريّ والمسيحيّ شديدة التعلّق بوضع الجماعة الزوجيّة والعيليّة" (ك ع 47). إلا أنّ الزواج والأسرة يتعرّضان في أيامنا– على غرار سائر المؤسسات ولربّما أيضاً أكثر منها- للتبدّلات العميقة والسريعة الشاملة التي يتعرض لها المجتمع والثقافة. ومن ثمّ تتبدّى أمامنا، بالنسبة إلى الزواج والأسرة اليوم، أضواء وظلال. "فيتبيّن من جهة وعيٌ أكثر للحرية الشخصية وتنبّه أكبر لنوعيّة العلاقات البشرية في الزواج، ولمستلزمات كرامة المرأة والأبوّة المسؤولة وتربية الأولاد... ولكن تظهر من جهة أخرى دلائل على تزعزع في القيم الأساسية مثير للقلق: فثمة مفهومٌ... خاطئٌ لاستقلال الزوجين أحدهما بالنسبة إلى الآخر، وإساءة فهم خطيرة لعلاقة السلطة بين الوالدين والأولاد؛ وثمة أيضاً الصعوبات الواقعيّة التي كثيراً ما تعانيها الأسرة في نقل القيم؛ وتزايد عدد الطلاقات؛ وانتشار شرّ الإجهاض انتشاراً واسعاً... وبروز ذهنيّة معادية لحبل يخضع لأي قانون" (مجتمع الأسرة 6).

    في هذه الحالة التي تبعث القلق في ضمير الإنسان، من واجب الكنيسة وجميع الذين يعملون في الكرازة الكنسية أن يبيّنوا قيم الزواج والأسرة الأساسية ليساعدوا بخاصةٍ الشبان الذين هم في بداية طريقهم إلى الزواج والأسرة على اكتشاف جمال وعظمة دعوتهم إلى الحبّ وإلى خدمة الحياة، ويفتحوا لهم هكذا آفاقاً جديدة (را: مجتمع الأسرة 1)، ومن خلال ثقافة أُُسريّة جديدة، أن يُشبعوا الثقافة الجديدة الصاعدة بروح الإنجيل، ويسهموا في إنسانويّة جديدة (را: مجتمع الأسرة 8). لكلّ هذه الأسباب كثيراً ما اتخذت الكنيسة في الزمن الحديث من مسائل الزواج والأسرة مواقف محدّدة. نذكر رسالة البابا بيوس الحادي عشر العامّة "في الزواج العفيف" (سنة 1930)، ورسالة البابا بولس السادس "في الحياة البشرية" (سنة 1968)، وأقوال المجمع الفاتيكانيّ الثاني (را: ك ع 47- 52)، والكتاب الرسوليّ للبابا يوحنا بولس الثاني "مجتمع الأسرة" (سنة 1981)، الذي أوجز فيه التصريحات السابقة وتوسّع فيها. وثمّة أهمية كبيرة على الصعيدين الرعائيّ والعمليّ لبيان السينودس الألمانيّ العام: "العيش المسيحي للزواج والأسرة".

    المفهوم المسيحيّ للزواج والأسرة يرتكز في أساسه على نظام الخلق عينه. فالله، الذي من فيض محبّته دعا الإنسان إلى الكيان، دعاه في الوقت عينه إلى الحبّ. أجل، الإنسان مخلوقٌ على صورة الله ومثاله (را: تك 1:27)، والله هو نفسه


    محبّة (را: 1يو4: 8، 16). " فالمحبة هي إذا الدعوة الأساسية والطبيعية لكل إنسان". لا يمكن أن يعيش إنسان من دون محبة. "المحبة تتضمن أيضا جسد الإنسان، فالجسد يشارك في المحبة الروحية... ينتج من هذا أنّ الجنس، الذي يهب فيه كلٌّ من الرجل والمرأة ذاته للآخر في أفعال حميمة خاصة بالأزواج، ليس على الإطلاق عملاً بيولوجياً محضاً، بل هو عملٌ يتصل بعمق أعماق الشخص البشري بصفة كونه شخصاً بشرياً" (مجتمع الأسرة 11). فالحبّ بين الرجل والمرأة هو من ثمّ عنصرٌ من عناصر صورة الله في الإنسان؛ وهو مثالٌ للمحبة التي بها يحبّ الله كلّ إنسان محبة لا شرط فيها ولا نهاية. ولذلك ينطبق عليه أيضا قول الله "إنّه حسنٌ جداً" (تك 1: 31).

    إنّ حقيقة الخطيئة قد أثّرت على علاقة الرجل والمرأة وعلى فعل نقل الحياة، وأدخلت عليهما التشويش والتغرّب (را: تك3: 7 ،16). بيد أنّ الله أدرج الزواج والأسرة في نظام الخلاص. فمنذ العهد القديم يُعدُّ العهد بين الرجل والمرأة "صورة ومثالاً" لعهد الله مع البشر (را: هو 1-3؛ اش54؛ 62؛ إر 2-3؛ حز 16؛23).وعهد الله هذا مع البشر يتحقّق بوجهٍ نهائيٍ وأسمى في يسوع المسيح، الذي هو في شخصه إنسانٌ وإله، والذي فيه قبل الله قبولاً نهائياً كلّ إنسان بمفرده. فهو عريس شعب الله في العهد الجديد (را: مر 2: 19) الذي أحبّ الكنيسة عروسه وبذل نفسه لأجلها (را: أف 5: 25).

    وموقف يسوع من الزواج يعبّر عنه بأجلى بيان ما قاله في الطلاق (را: مر 10: 2- 9 إز). هنا يواجه يسوع مسألة كانت موضوع نقاش بين اليهود: هل يحلّ للرجل أن يطلّق امرأته. لأوّل وهلةٍ يبدو جواب يسوع تشديداً لشريعة العهد القديم، كأنه بذلك يضع حملاً ثقيلاً على كتفي الإنسان. ولكنّ يسوع في الواقع لا يدخل في النقاش الدائر ولا في تفسير شريعة العهد القديم (را: تث 24: 1- 4). بل يرفع المسألة إلى مستوى آخر، فيُذكّر بتصميم الله الأصلي في الخلق. لا جرم أنه يعرف تصلب قلب الإنسان الذي يعوق تحقيق إرادة الله الخالق. ولكن اليوم وقد بدأت في شخص يسوع الخليقة الجديدة، يصحّ ثانية تصميم الله في الخلق الأول، بحيث يمكن اليوم أن يعاش من جديد بوساطة يسوع. ومن ثم فرفض يسوع للطلاق ليس شريعة خارجية عن الإنسان يصعب عليه تحقيقها، بل هو التعبير عن العهد الجديد، إنّه إمكانيّة جديدة توفّرها النعمة لإتمام معنى نظام الخلق والخلاص في عمق أبعاده، وهو الحياة في الحبّ والأمانة. ومن ثم يمكن القول بإيجاز إنّ الزواج، بحسب كرازة يسوع، هو من صميم نظام الخلق والخلاص معاً.

    وبولس الرسول يحثّ على عقد الزواج "في الرب" (1كو 7: 39). وبذلك يُدخل الزواج في سياق الكيان الجديد "في المسيح"، الكيان المرتكز على المعمودية. ومن ثمّ فالزواج والأسرة هما في اللوحات العائليّة في العهد الجديد مكان الاختبار المسيحيّ المميّز. فسلوك الرجل والمرأة الواقعيّ يجب أن يتّخذ قاعدةً له ما أظهره

    يسوع المسيح من محبّة وأمانة وبذل ذات وطاعة (را: كو3: 18- 19؛ 1 بط 3: 1- 7؛ 1تي 2: 8- 15؛تي2: 1- 6). وأهمّ لوحة عائلية في هذا السياق نجدها في الرسالة إلى الأفسسيّين، حيث يوصَف العهد بين الرجل والمرأة على أنّه صورةً للعهد بين المسيح والكنيسة. "كونوا خاضعين بعضكم لبعض في مخافة المسيح. فأنتنّ، أيّتها النساء، اخضعن لرجالكنّ كما للربّ... وأنتم أيها الرجال، أحبّوا نساءكم كما أحبّ المسيح الكنيسة وبذل نفسه لأجلها... لذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلزم امرأته، فيصيران كلاهما جسداً واحداً. إنّ هذا السرّ لعظيم؛ أقول هذا بالنسبة إلى المسيح والكنيسة" (أف5: 21- 22، 25، 31).

    لا جرم أنّ هذا النصّ يعكس أيضاً بعض الملامح من مفهوم الزواج السائد آنذاك، حيث كانت النساء تخضعُ للرجال. ولكنّ النصّ يتخطّى مفهوم الزواج الأبويّ الذي كان يقضي بسيطرة الرجل على المرأة. إذ يتكلّم أيضاً، بخلاف هذا النظام، على الحبّ وبذل الذات اللذين يجب أن يتحلّى بهما الرجل، وبالتالي على خضوع متبادل. القول الأهمّ في هذا النصّ هو أنّ الحبّ والأمانة بين المسيح والكنيسة ليسا فقط مثالاً للزواج؛ أكثر من ذلك فالحبّ بين الرجل والمرأة في الزواج هو علامةٌ تحقّق حضور الله وأمانته اللتين ظهرتا ظهوراً نهائياً في يسوع المسيح، والحاضرتين حضوراً دائماً في الكنيسة. "وهكذا يصير زواج المعمّدين رمزاً حقيقياً للعهد الجديد والأبديّ الذي عُقد في دم المسيح" (مجتمع الأسرة 13).

    وجد التقليد الكنسيّ في أقوال الكتاب المقدس، ولا سيما الرسالة إلى الأفسسيّين، إشارةً إلى أسرارية الزواج (را: دنتسنغر 1799). غير أنّ هذا التعليم لم يعبّر عنه بصراحةٍ إلا في أوائل العصر الوسيط (را: دنتسنغر 1327؛ 1797- 1812). لا يقصد هذا التعليم المخاتلة في أمر الزواج ولا جعله حقيقةً مرتبطةً ارتباطاً تاماً بالكنيسة. بل يُقرّ بأنّ الزواج حقيقةٌ من حقائق الخلق مستقلة في ذاتها، وأنه يندرج كما هو في نظام الخلاص. ومن ثمّ لا يكون الزواج صحيحاً إلا بقبول العروسين (بقولهما "نعم"؛ الرضى). هذا الرضى، على ما جاء في الحق الكنسي، لا يمكن لأي سلطةٍ من سلطات العالم أن تستبدل به أمراً آخر. لكن الكنيسة لم تُصدر صيغة كنسية خاصة لعقد الزواج إلا في العصر الوسيط؛ ولم تعمّم هذه الصيغة بوجه ملزم وضروري لصحة الزواج الا في المجمع التريدنتيني (1545- 1563) (دنتسنغر 1813- 1816). ومع ذلك يمكن لأسباب صوابية الاستغناء عن صيغة الزواج الكنسية، بشرط الحفاظ على صيغة علنية للتعبير عن الرضى الزواجيّ.

    في هذا الموضوع نشأت، بسبب الأوضاع الحالية، صعوبةٌ جديدة. إذ لا يمكننا الافتراض أنّ العروسين اللذين يقدمان على عقد زواج كنسي يضُمّان، في كلّ الحالات، إلى رضاهما بقولهما "نعم" إيمان الكنيسة في اسرارية الزواج. إنّ مسألة العلاقة بين الإيمان والأسرار تُطرح في الزواج بإلحاح شديد. فبما أنّ

    العروسين، بمعموديتهما، قد انضمّا إلى المسيح والكنيسة، يجب الافتراض أنهما موافقان، على الأقل ضمناً، على ما تعنيه الكنيسة عندما تبارك عقد زواج. ولكن عندما، برغم كل الجهود الرعائيّة، يرفضان رفضاً صريحاً وقاطعاً ما تعنيه الكنيسة لدى عقد زواج بين معمّدين، فعلى الراعي أن يرفض القيام بالزواج الكنسي، ويوضّح لهما مسؤولية إعاقة الاحتفال الذي يطلبانه لا تقع على الكنيسة بل عليهما (را: مجتمع الاسرة 68).

    ومن ثم فعلامة الزواج الاسرارية هي الفعل الشخصي الحرّ، "الذي فيه يهب الزوجان أحدهما ذاته للآخر، ويتقبّل احدهما الآخر" (ك ع 48). لذلك فالعروسان، في نظر اللاهوتيين الغربيين الأكثر تمثيلاً، هما اللذان يمنحان السرّ احدهما الآخر بإعلان إرادتهما الزواج (قول "نعم"؛ الرضى). وتكتمل هذه الإرادة عندما يصير الاثنان جسداً واحداً (را: تك2: 24؛ مر10: 8)، وهذا يشمل كل ميادين الحياة.

    الكاهن الذي يحضر الزواج يتقبّل باسم الكنيسة الـ"نعم" التي يعلنها العروسان، ويمنحهما بركة الكنيسة. وبهذا يعبّر عن أنّ الزواج ليس أمراً خاصاً بالعروسين وحدهما، بل هو علامة علنية لمحبة الله وأمانته. وهذا ما يتّضح من قول النبي هوشع 2: 21- 22، إنّ الحق والعدل والمحبة والرحمة والأمانة هي من خيرات عهد زواج الله مع شعبه. ومن ثم فالصيغة المدنية، وبالنسبة إلى الكاثوليكيين في الظروف الاعتيادية الصيغة الكنسية، لعقد الزواج، ليست معاملة خارجية ولا مجرّد شهادة زواج ولا تدخّلاً من قبل الدولة والكنيسة. فالطابع العلنيّ الذي يتسم به الزواج لا ينزع منه أصله الحميم في الحبّ المباشر والشخصي بين الزوجين، بل بالحريّ يدلّ على الحماية والاعتراف والمساندة والشهادة لكلمة "نعم" التي قالها العروسان وللطريق المشتركة التي سوف يسلكانها. ومن جهة أخرى فالزوجان هما كلاهما للآخر ولأولادهما، وللكنيسة جمعاء، شاهدان للخلاص الذي اشتركا فيه اشتراكاً خاصاً بنيلهما السرّ (ر ع 11). الزواج هو شبه كنيسة بيتيّة وكنيسة صغيرة (را: ك 11). وبالتالي فالزواج والأسرة ليسا صورةً ورمزاً لطبيعة الكنيسة وحسب، بل يسهمان بالحريّ إسهاماً مميزا ًوفاعلاً في بنيان الكنيسة.

    إنّ العروسين، بقولهما "نعم" الذي به يهب كلاهما الآخر ذاته، ينضمّان انضماماً خاصا إلى عهد الله مع البشر. فالله نفسه هو الـذي يجـمع بينهمـا (را: مر10: 9)، بحيث منذ تلك الساعة ينتمي كلاهما للآخر أمام الله وأمام المجتمع البشري واحدهما أمام الآخر. في هذا الصدد يتكلّم التعليم الكنسي على العهد الزوجي على أنّه صورة للعهد الذي لا يُنقض بين الله والبشر. وهكذا يخلَّص عهدهما من سيطرة هواهما الخاص وسيطرة مزاج الكنيسة والمجتمع البشري. إنّ نعمة سرّ الزواج تقوم، كما في كل سرّ، في ثلاثة أمور: فالزوجان، بحبهما وأمانتهما، يحققان حضور محبة الله وأمانته اللتين تجلّتا في يسوع المسيح ويذكران بهما، ومن جهة ثانية يشتركان فيهما؛ "إنّ حبّهما الزوجي يرتكز على

    الحب الإلهي، وهو يستمدّ معالم طريقه وغناه من قدرة المسيح الخلاصية ومن عمل الكنيسة الخلاصي" (ك ع 48). ثم إنّ الأزواج يتمكنون، "بقدرة سرّ الزواج، من التعاون، في حياتهم الزوجية وفي إنجاب الأولاد وتربيتهم، على بلوغ القداسة، ومن ثم، فإنّ لهم، في وضعهم الحياتيّ وحالتهم، موهبتهم الخاصة في شعب الله" (را: 1كو7: 7) (ك11). والزواج المسيحي هو أخيراً علامة مسبقة للعرس الذي سوف نحتفل به في كمال الأزمنة، أعني لبلوغ الواقع كله سعادته وملء كيانه في محبة الله (را: مر2:19- 20؛ متى22: 1- 14؛ 25: 11- 13الخ). ومن ثم فإقامة العرس بأبهى ما يمكن من مراسيم الاحتفال ومباهج العيد ليس حاجة إنسانية عامة وضرورة اجتماعية وحسب؛ فمثل هذه البهجة، لكونها احتفالاً مسبقاً بالعرس الأخير وباعثاً على الرجاء، لها أيضاً على الصعيد المسيحي معناها العميق.

    الإشارة إلى عرس كمال الأزمنة دليل أيضاً على أنّ الزواج لا يزال ينتمي إلى نظام هذا العالم الفاني (را: مر12:25؛ 1كو7: 25- 38). فهو ليس الاكتمال النهائي. ثمة أيضاً في الكنيسة، إلى جانب حالة الزواج، حالة البتولية الاختيارية من أجل ملكوت السماوات (را متى19: 12)، على أنها إشارة إلى الهدف النهائي. من يختار البتولية من أجل ملكوت السماوات فهو ليس من أجل ذلك مسيحياً أفضل من المتزوج. بل بالحريّ يريد أن يعبّر عن بعد أساسي من أبعاد الكيان المسيحي المشترك بين جميع المعمدين: وهو فناء كل الأنظمة الأرضية، وتوجيهها شطر الأمر الوحيد الضروري، أعني ملكوت الله. لذلك يريد منذ الآن أن يكون بكامله ومن دون تجزئة حراً من أجل الرب ومن أجل "قضيته" (1كو7: 32). ومن ثم فان تقدير قيمة البتولية الاختيارية من اجل ملكوت السماوات لا يناقض بتاتاً قيمة الزواج الرفيعة، بل بالحريّ يفترضها ويثبتها. فلو لم يعد الجنس على الصعيد البشري قيمة رفيعة وهبة من الله، لفقد التخلي عنه أيضاً معناه. ومن جهة ثانية فانّ وجود نمط حياة آخر غير الزواج، معترف به رسمياً، يجعل الزواج نمط حياة يختاره الإنسان بملء حريته. ومن ثم فالزواج والبتولية المكرّسة هما سبيلان لتمثيل العهد الواحد بين الله والبشر والعيش بمقتضاه. كلاهما بحاجة إلى الآخر، إذ إنهما يقومان معاً ويسقطان معاً. والدعوات إلى البتولية إنما هي دلائل على زواج مسيحي سليم؛ وبخلاف ذلك فان ازدراء البتولية الاختيارية يقود بالضرورة إلى إنكار ما يتضمنه الزواج من قيمة مسيحية (را: مجتمع الاسرة 16). ومن ثم فأزمة الزواج المسيحي وأزمة البتولية الاختيارية تفترضان إحداهما الأخرى، ولا يمكن لأي عمل رعائي مسؤول إلا معالجتهما معاً.



    صفات الزواج الأساسية


    الوحدة، الخصب، الأمانة التي لا تنحلّ

    في رتبة الزواج الكنسي يطلب ثلاث مرات رضى العروسين، ويجيبان ثلاث مرات بكلمة "نعم". بهذه الصيغة الثلاثية يراد التعبير عن أنّ الرضى يتضمّن في الواقع ثلاثة أبعاد شديدة الأهمية بالنسبة إلى صحة الزواج: الرضى بالوحدة، وبالخصب وبالأمانة الزوجية التي لا تنحلّ.

    حبّ الزوجين ينزع بكامل كيانه إلى الوحدة في شركة شخصية تشمل كل ميادين الحياة: "ومن ثم فليسا هما اثنين بعد، بل جسد واحد" (متى 19:6؛ تك2: 24)، وهما مدعوان إلى أن ينموا باستمرار في وحدتهما، من خلال الأمانة التي بها يحفظان كل يوم الوعد الذي قطعاه في الزواج. "تتأصّل شركة الزواج في الاكتمال الطبيعي بين الرجل والمرأة، وتحيا من إرادة الزوجين الشخصية في أن يشارك كلاهما الآخر حياته كلها: ما يملكه وما هو عليه". هذه الشركة البشرية تتنقّى وتكتمل بالشركة في يسوع المسيح التي يمنحها سر الزواج. وهي تتعمّق باستمرار بالصلاة وبالتقرّب معاً من المناولة الافخارستية. "مثل هذه الشركة يناقضها تعدّد الزوجات: فهو ينكر إنكاراً مباشراً تصميم الله، ويناهض المساواة في الكرامة الشخصية بين الرجل والمرأة، التي يهبها كلاهما الآخر في الزواج في حبّ كلّيّ، وبفعل كونه كلياً هو واحد ويقصي أي حبٍّ آخر" (مجتمع الاسرة 19).

    وكذلك الخصب فهو عنصر أساسي في الزواج. إذ انه من طبيعة الحب الزوجي عينه أن يكون مخصباً. فالولد، بفعل كونه ثمرة الحبّ المشترك، لا يضاف إلى حبّ الزوجين المتبادل كأنه عنصر خارجي عنه او خاضع لمزاجه؛ بل هو بالحري تحقيقه واكتماله. والله نفسه قد عهد في خدمة الحياة هذه إلى الزوجين منذ الخلق، بل أمرهما بها: "وباركهم الله وقال لهم: انموا واكثروا" (تك1: 28). بالإنجاب يشارك الزوجان الله في محبته الخالقة؛ إنهما يعملان مع الله الخالق المحبّ ، وفي الوقت عينه يترجمان محبته بيد أنّ خصب الحبّ الزوجي لا يقتصر على الإنجاب؛ بل يتسع ويغتني بثمار الحياة الخلقية والروحية والفائقة الطبيعة، التي ينقلها الوالدون لأولادهم بالتربية. الوالدون هم حقاً أوّل المربين لأولادهم وأفضلهم (را: ك ع 50؛ مجتمع الاسرة 28). في هذا المعنى الشامل تقوم مهمة الزواج والأسرة الأساسية في خدمة الحياة (را: ك ع 50؛ مجتمع الأسرة 29- 33). لذا فالمسيحيون المتقدمون في السن ، الذين لا يمكنهم بعد لدى عقدهم الزواج أن يرجوا أولاداً، والأزواج الذين يحرمون بركة الأولاد، يستطيعون هم أيضاً أن يجدوا معنىً لزواجهم على الصعيدين الإنساني والمسيحي.

    هذه الرسالة تنطبق اليوم لأسباب متعددة على وضع اجتماعي وثقافي، يصعب فيه على كثير من الأزواج قبول تعليم الكنيسة والاضطلاع به باقتناع، وتحقيقه في واقع حياتهم. والكنيسة على علم بالحالة الشاقة أحياناً والمؤلمة أحياناً أخرى التي يعانيها الكثير من الأزواج، وبالمصاعب المتنوعة التي يواجهونها على الصعيدين الشخصي والاجتماعي. ولكن، وبالنظر إلى الذهنية الراهنة بالذات والتي غالباً ما تقف من الحياة موقف العداء، من واجب الكنيسة أن تقف هي إلى جانب الحياة. إنّ النظام الخلقيّ لم تخلقه الكنيسة ولا هو متعلّق بهواها؛ فالله هو الذي أعطاه للإنسان بل أمره به. فيجب من ثم على الوالدين أنفسهم أن يتخذوا هم قرارهم، في الأبوة المسؤولة وفي رعاية الله، بالنسبة إلى عدد أولادهم. وفي هذا الأمر يجب الا يتصرّفوا بحسب هواهم الخاص بل ينقادوا لضمير توجّهه الوصية الإلهية وفاقاً لتفسيرها من قبل السلطة التعليمية الكنسية، والتي بمقتضاها يجب أن يكون الحبّ الزوجي منفتحاً على الحياة الجديدة ولا بدّ لهم في هذا الحكم من أن يدرجوا خيرهم الخاص وخير أولادهم- الذين ولدوا والذين ينتظرون- ، والعلاقات المادية والروحية، وخير الأسرة كلها، وخير الجماعة البشرية والكنيسة (را: ك ع 50؛ مجتمع الاسرة 29- 33). وبالنظر خصوصاً إلى المصاعب المذكورة تنطبق على الأبوة شريعة المسيرة بالتدرج، أعني السعي الدائم لتخطي المصاعب القائمة، وذلك بالسلوك الحسن والتقرب المنتظم من الأسرار (را: مجتمع الأسرة 34).

    والعنصر الأخير الذي يتكون منه الحب الزوجي أمانته التي لا تنحلّ. وهي تنتج من كمال العطاء والقبول المتبادلين بين الزوجين؛ فالحبّ الذي هو أهل لأن يدعى كذلك، هو دوماً نهائي، ولا يمكن أن يوهب إلى حين او على سبيل التجربة. أضِف الى ذلك أنّ خير الأولاد يجعل أمانة الزوجين غير المشروطة والتي لا تنحلّ أمراً ضرورياً. وقد أرادها الله في الخلق نفسه: "ما جمعه الله فلا يفرقه إنسان" (مر10: 9). اما السبب الأعمق فيكمن في أمانة الله لعهده، وخصوصاً في أمانة المسيح لكنيسته، تلك الأمانة التي لا تنحلّ والتي يمثل سرّ الزواج علامتها وثمرتها. ولذا فان عدم انحلالية الزواج يثبت تثبيتاً خاصاً بسر الزواج. واليوم بالذات من أهم واجبات الكنيسة وأشدها إلحاحاً أن تؤكّد قيمة الأمانة الزوجية وعدم الانحلالية، وللذين يرون الارتباط بإنسان على مدى العمر كله أمراً شاقاً بل مستحيلاً، عليها أن تشهد لبشرى محبة الله وأمانته لنا اللتين لا نهاية لهما، واللتين يشترك فيهما الزوجان بسر الزواج، ومنهما يستمدان العضد والسند؛ وبذلك تريد الكنيسة أن تعترف بالجهد الذي يقوم به الأزواج للحفاظ على الأمانة الزوجية، برغم ما يجدون في ذلك من مصاعب كبيرة، تقدّم لهم العون والتشجيع. ولكن يجب الإقرار أيضاً بقيمة شهادة الأزواج الذين يتركهم شريكهم ومع ذلك يمتنعون عن عقد ارتباط آخر، معتمدين على قدرة الإيمان المسيحي (را: مجتمع الأسرة 20).

    لقد اختبرت الكنيسة منذ البداية أنّ الزواج بين المسيحيين يمكن أيضا أن يخفق. فثمة حالات يبدو فيها فصل الزوجين السبيل الأخير الذي لا بد منه، بعد فشل كل المحاولات التي تبذل بوجه معقول لإنقاذ الزواج. فهذا الفصل ممكن كنسياً، وعلى الجماعة المسيحية أن تساعد هؤلاء الناس على قبول وضعهم الشاق والحفاظ على الأمانة (را: مجتمع الأسرة 83).

    كثيرون من الذين ينفصلون يعقدون ارتباطاً جديداً من دون زواج كنسي. إنّ حالة أمثال هؤلاء المنفصلين الذين عقدوا زواجاً مدنياً يجب الحكم فيها بإنصاف. فثمة فرق بين من يضطرّ ظلماً على التخلّي عن زواج سابق برغم جهوده النزيهة، ومن يهدم عن خطأ ثقيل منه زواجاً صحيحاً. من الأهمية بمكان أن نعرف أنّ الكنيسة لا تقصي هؤلاء المسيحيين في حالتهم الشاقة. بل على الكهنة وعلى الرعية كلها أن يظهروا لهم العطف والمحبة لكي لا يعدوا أنفسهم منفصلين عن الكنيسة التي يمكنهم ويجب عليهم أن يشاركوا في حياتها كمعمدين. ومن ثم يمكنهم ويجب عليهم أن يسمعوا اولاً كلام الله، ويشاركوا في الاحتفال بالافخارستيا، ويصلوا بانتظام، ويسهموا في أعمال محبة القريب ومختلف المبادرات لتعزيز العدالة. "على الكنيسة أن تصلي من اجلهم، وتشجعهم، وتظهر لهم أمّاً رحيمةً، وتشدّدهم هكذا في الإيمان والرجاء" (را: مجتمع الأسرة 84).

    إلا أنّ الكنيسة الكاثوليكية، أمانةً منها لكلام يسوع المسيح تتمسك بعدم قدرتها على الاعتراف بمثل هذا الارتباط على انه زواج أسراريّ، متى كان الزواج الأول صحيحاً وما دام الزوج الأول على قيد الحياة. وبما أنّ هؤلاء المنفصلين الذين عقدوا زواجاً ثانياً مدنياً يعيشون في تناقض موضوعي مع النظام الإلهي، فلا يمكن السماح لهم وفاقاً لممارسة الكنيسة، ما داموا مرتبطين بالشركة الزوجية الكاملة، بالتقدم إلى المناولة الافخارستية (را: مجتمع الأسرة 84). عن هذا ينجم بدون شك ليس فقط للمسيحيين المعنيين بلا أيضاً لكثير من الرعاة معضلات شاقة، ليس من السهل التوفيق فيها بين الأمانة للحقيقة التي تتقيد بها الكنيسة خدمة للمحبة، وبين ما تقتضيه المحبة والرحمة المسيحية في الأحوال الواقعية الشاقة من صبر وتسامح (را: السينودس الألماني العام: الزواج والأسرة في العيش المسيحي 3، 4) لا يسع الحق الكنسي إلا أن يضع نظاماً عاماً، لكنه لا يستطيع أن يحلّ كل الحالات الفردية المعقّدة. المطلب الرعائي الأول يجب أن يكون دوماً تجنب الخطأ والضلال لدى المؤمنين بالنسبة إلى تعليم الكنيسة وممارستها في عدم انحلالية الزواج وفي عصرنا بالذات على الكنيسة أن تكون علامة جلية في هذا المسألة.



    الزواج المختلط



    عدد كبير من الكاثوليكيين المتزوجين يعيشون اليوم في ألمانيا في زواج مختلط. فبسبب التنقل الدائم لأقسام متزايدة من السكان، لم يعد الزواج المختلط بين مؤمنين من مذاهب مختلفة أمراً استثنائياً في أيامنا؛ ولقد حصل في العقود الأخيرة تغيير كبير في موقف الكثير من الكاثوليكيين في هذا الموضوع. للزواج المختلط نواحٍ كثيرة لا يمكننا معالجتها كلها في هذا السياق. لذا سنقتصر في ما يلي على الزواج بين المسيحيين الكاثوليكيين والإنجيليين. أما القرارات بالنسبة إلى الزواج مع المسيحيين الارثوذكسيين، فتختلف بعض الشيء ويجب الاستعلام بشأنها لدى الراعي المختص.
    من جهة يمكن أن يكون لاختلاف مذهب الزوجين تأثير مثمر على إيمان الزوجين، وبالتالي على زواجهما، إذا حمل كلٌّ من الشريكين إلى الزواج والأسرة تراثه الكنسي الخاص، وتعلّم كلاهما من الآخر وتمكنا هكذا من تعميق حياتهما المشتركة وإثرائها. ولكن من جهة أخرى يجب عدم الاستهانة بمصاعب الزواج بين المذاهب المختلفة. وهي تنجم عن الانفصال الذي لا يزال قائماً بين الكنائس ويؤلمنا الألم الشديد. فثمة اختلافات شديدة في الإيمان، وثمة أيضاً أحكام مذهبية مسبقة، وذهنيات مذهبية مختلفة وأمور غيرها قد ترهق الزواج وتقود في بعض الأحيان إلى تغرّب الزوجين كلاهما عن الآخر. وتظهر المصاعب بنوع خاص في مسألة تربية الأولاد والاشتراك في الاحتفالات الدينية . ولا يندر أن تلجأ الزواجات المختلطة، بسبب تلك المصاعب، إلى حيادية مزعومة؛ فتستبعد التساؤلات الدينية، مما يؤدي إلى تغرّب الشريكين وتغرّب الأولاد أيضاً عن كنيستهم.

    الفروقات بين الكنائس المنفصلة تتعلق أيضاً بمفهوم الزواج. فهي تعتقد معاً أنّ الزواج يمثّل نظام الله ويقوم في ظلّ بركته. ولكن فيما تعُدُّ الكنيسة الكاثوليكية الزواج أحد الأسرار، يصفه لوتر بأنّه "أمرٌ من أمور العالم الخارجي". لم يقصد بذلك القول إنّ الزواج مسألة دنيوية محض، بل انه لا ينتمي إلى نظام الخلاص، بل إلى نظام الخلق فقط. على هذا الأساس أنكر لوتر على الكنيسة صلاحيتها في وضع قانون للزواج، واسند عقد الزواج إلى السلطة المدنية. ومن ثمّ فالزواج الصحيح المعقود أمام السلطة المدنية هو، في نظر البروتستانتيّ، زواج صحيح أيضا أمام الله والكنيسة؛ ويكفي أن تقدّسه الكنيسة ببركتها. أما بالنسبة إلى الكاثوليكي، فالزواج لا يكون صحيحاً إلا اذا تمّ عقده كنسياً، وإلا فيجب الحصول على إعفاء صريح من "واجب الصيغة" هذا. أما الزواج المدني فلا ينظم، بحسب المفهوم الكاثوليكي، إلا عواقب الزواج المدنية. في هذا الفرق الواقعي يتبين مرة أخرى التحديد المختلف للعلاقة بين الكنيسة والعالم، وبنوع أعمّ المفهوم المختلف للكنيسة.

    انسجاماً مع العلاقات المتبدلة والتقارب المسكوني الحاصل، جددت سنة 1970 قرارات القانون الكنسي بالنسبة إلى الزواج المختلط، ثم صيغت صياغة جديدة مرة أخرى في مجموعة الحق القانوني الكنسي سنة 1983 (را: ق 1124- 1129). فبموجب القانون الكنسي الجديد، لم يعد اختلاف المذاهب كما في السابق مانعاً للزواج؛ ولكن لعقد زواج مختلط، لا بدّ من الحصول على إذن صريح من السلطة الكنسية المختصة. ويشترط للحصول على الإذن أن يعلن الشريك الكاثوليكي استعداده لان يعيش في زواجه كمسيحي كاثوليكي, ويشهد للإيمان ويسعى جهده في تعميد أولاده وتربيتهم في الإيمان الكاثوليكي. ولكن بما أنّ تربية الأولاد أمر يهمّ كلا الوالدين, ولا يجوز أنّ يرغم أيّ من الشريكين على أن يتصرّف بخلاف ضميره, يقوم هذا الالتزام على القيام بما يمكن القيام به ضميريّا في واقع كلّ حالة.
    أمّا عقد الزواج فيجب أن يتمّ بحسب الصيغة الكاثوليكيّة. ولكن إن حالت دون ذلك أسباب باهظة، فإذّاك يمكن الأسقف الإعفاء من هذا القانون؛ ويجب، لصحة الزواج، أنت يكون ثمّة صيغة علنية للعقد، سواء كانت صيغة مدنية أو في كنسية أو جماعة كنسية أخرى. ويجب في الحالات الاعتيادية تفضيل صيغة عقد الزواج الدينية على الصيغة المدنية المحض. واذا رغب العروسان في أن يشارك راعيا الكنيستين في هذا الزواج، فيجب ما أمكن تحقيق تلك الرغبة. مثل هذا "الزواج الكنسي المشترك" ليس زواجاً مزدوجاً؛ فالزواج يجري بموجب الصيغة الكاثوليكية او غير الكاثوليكية، وراعي الكنيسة الأخرى يشارك في الصلاة والبركة.

    الوضع المسكوني المتحوّل قد حمل الكنائس في القرن الأخير على عمل رعائي مشترك لمرافقة الزواج في الزواجات والأسر المختلطة. وتقوم مهمة هذا العمل الرعائي في مساعدة الأزواج على أن يكون زواجهم صالحاً، ويتعلموا أن يعيشوا في زواجهم بحسب مستلزمات الإيمان المسيحي. وعليه أن يساعدهم أيضاً على أن يتحملوا التوتر القائم بين ارتباط كلا الزوجين بالآخر وارتباط كلاهما بكنيسته. وعليه أن يشجعهم على الحفاظ على ما هو مشترك في الإيمان بين الزوجين واحترام ما هو مختلف لدى الشريك الآخر. هذه الرعاية المشتركة في مرافقة الزواج تفترض جواً من العمل المشترك المتسم بالثقة بين الكنائس ولا سيما بين رعاة الكنيستين في مجالات أخرى ايضاً .

    بالنسبة إلى الاشتراك في الرتب الدينية، يجب تطبيق المبدأ الأساسي التالي: كل من الشريكين يجب أن يتأصّل في إيمانه بموجب ضميره، ويبقى عضواً في كنيسته وهذا يتضمن اشتراك كل واحد في صلوات كنيسته اشتراكاً منتظماً، والتفهم المحب للإفساح في المجال لشريك الآخر للاشتراك في صلوات يوم الأحد في كنيسته الخاصة. ولكن يجب على الشريكين المختلفي المذهب أن يشتركا أيضاً

    معاً في بعض المناسبات في احتفالات كنائسهم الدينية (را: السينودس الألماني العام: عمل الكنائس الرعائي المشترك في خدمة الوحدة المسيحية 7).

    إنّ حقيقة الخلق لا تصير بوجه مباشر علامة اسرارية للخلاص في اي سر آخر كما في الزواج إلى مثل هذا التداخل والتوتر بين العالم العتيق المضلّل بالخطيئة والعالم الجديد الذي ظهر في يسوع المسيح. والأوضاع الرعائية الشاقة التي تكلمنا عليها هي دلائل على هذا التشابك الذي يصعب فكّه في الحالات المنفردة ومن ثم فان سرّ الزواج يشير، من وراء الزمن الحاضر الواقع بين مجيء يسوع المسيح في الاتضاع وبين مجيئه الثاني في المجد، إلى مائدة العرس السماوية والى حياة الدهر الآتي.



    المرجع: التعليم المسيحي الكاثوليكي للبالغين. المسيحية في عقائدها (نشره مجلس أساقفة ألمانيا). 1985