نبذة تاريخية عن الكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة

  • عن موقع مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة
  • البطريركية اللاتينية
  • كنيسة الروم الكاثوليك الملكية- أنطاكية
  • كنيسة أنطاكية الكاثوليكية المارونية
  • الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في قيليقية
  • كنيسة بابل للكلدان الكاثوليك
  • كنيسة أنطاكيا للسريان الكاثوليك
  • حراسة الأراضي المقدسة


  • عن موقع مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة

    نشأت الكنيسة في الأرض المقدسة مع العنصرة. في البداية كانت الكنيسة واحدة غير منقسمة. وهذا ظاهر بشكل واضح في سفر أعمال الرسل ( اع 8: 1 .4؛ 9: 31). وعلى امتداد أربعة قرون ونصف لم تعرف كنيسة القدس أية تعاليم مظللة. فسلطة أسقف القدس كانت على جميع المسيحيين، المحليين والآتين من بلدان بعيدة.

    الانقسامات

    ظهرت في القرن الخامس بالتحديد تعاليم باطلة تخص ماهية السيد المسيح من حيث انه اله واحد حق وإنسان حق. ان المجامع المسكونية في أفسس (431) و خلقيدونية (451) قد دانت على التوالي تعاليم نسطوريوس و أوتيخا، الخاطئة التي لا تتوافق ولا تعبّر عن سر الوحدة والتكامل في يسوع المسيح. وقد عبّرت المجامع عن هذا السر بالصيغة التالية : يسوع اله حق وإنسان حق، شخص واحد في طبيعتين.

    وقد اعتبرت الكنائس الخاصة التي لم تقبل بهذا التعبير هرطوقية. و نظمت بطريقة مستقلة. وهذه الكنائس هي: الكنيسة النسطورية والكنائس التي نادت بالطبيعة الواحدة، وهي: الكنيسة السريانية الغربية والارمنية والقبطية، والى هذه الكنائس انظمت أيضا الكنيسة الإثيوبية و السريانية الملنكار الهندية.

    لقد بقيت كنيسة القدس أمينة على تعاليم المجامع المسكونية. إلاّ أنّها تعرضت بطرق مختلفة لتأثير الكنائس المنفصلة سواء عن طريق تدفق الحجاج أو من خلال إنشاء أديرة لهذه الكنائس.


    الحروب الصليبية

    هدفت الحملات الصليبة ( بالقرن 12-13) الى تسهيل عملية وصول المسيحيين إلى الأماكن المقدسة وإلى تخليص المسيحيين المحليين من نير عبودية الأتراك السلوقيين. وأمام هذه الظاهرة، كان لا بد ان توجد سلطة كاثوليكية في القدس وفي الأراضي المقدسة وأيضا في المناطق المحيطة والقريبة. في هذه الظروف وفي سنة 1099 تم اختيار بطريرك لاتيني للقدس، حيث بقي لغاية سنة 1291، وهي السنة التي تم فيها انسحاب كامل ونهائي للصليبيين. وبقي الكرسي البطريركي لعدة قرون لقباً شرفيا لأساقفة في أوروبا. وفي سنة 1847 أعيد الكرسي من جديد إلى القدس ولغاية اليوم.

    مع مطلع الحملات الصليبية، أصبح للكنيسة الكاثوليكية تأثير ووجود متعاضمان في المنطقة. وخصوصاً مع وجود الفرنسيسكان الذين وصلوا للمنطقة في نهاية القرن الثالث عشر، لكي يؤسسوا وينظموا ويحموا الجماعات الكاثوليكية في عدة مراكز، هذا بالإضافة لتأسيس بيوت استضافة للحجّاج. وفي سنة 1336 استقروا بشكل نهائي في مدينة القدس، وفي سنة 1342 قام البابا كليمنص السادس بتكليفهم بحراسة الأراضي المقدسة. فساهمت هذه الرهبانية وأعطت دفعا قوياً لتنمو الكنيسة الكاثوليكية ذات الطقس اللاتيني في الأراضي المقدسة.

    وبفضلهم فقد انتشرت في العالم الكاثوليكي عبادتان عزيزتان على الشعب المسيحي، وهما : رياضة درب الصليب، بأربع عشر مرحلة، والثانية تساعية عيد الميلاد المجيد.

    الكنائس الشرقية

    وفي القرن الثالث عشر أيضا أخذت رهبانيات أخرى لاتينية بتأسيس رعايا لها في الأرض المقدسة وفي جميع مناطق الشرق الأوسط. وفي نفس الوقت عمد بعض الأساقفة ، من الكنائس الشرقية وأيضا الكنيسة اليونانية-الأرثوذكسية ، على التقرّب من الكنيسة الكاثوليكية. فأدّى الى تشكيل كنائس شرقية كاثوليكية، على قاعدتين أساسيتين:

    1- قبول سلطة البابا الذي هو الراعي الأول لوحدة كنسية السيد المسيح،

    2- المحافظة على الطقس ( ليترجيا وروحانية ولاهوت الكنيسة الأصلية )

    وهكذا قد نشأت في الشرق الأوسط خمسة كنائس شرقية كاثوليكية، وهي:

    1-الكلدان سنة 1552، والاتية من الكنيسة السريانية؛

    2-اليونان-الكاثوليك في سنة 1724، وتضم اورثوذكس سابقين من بطريركيات أنطاكيا والاسكندرية والقدس.

    3-الأرمن- الكاثوليك في سنة 1740؛

    4-والسريان الكاثوليك في سنة 1773

    5-والأقباط- الكاثوليك في سنة 1824.

    وفي نفس المنطقة أخذت الكنيسة المارونية، التي هي من لبنان، بالازدهار والانتشار.

    الوقت الحاضر

    ومع بداية القرن التاسع عشر شهدت الأرض المقدسة حركة نشاط قوية من قبل الانجليكان واللوثريين. وفي القرن العشرين أخذت أيضا كنائس بروتستنطية أخرى، اقل عدد، بالاستقرار في الأرض المقدسة. محققين انجازات قليلة.

    ومع مرور الوقت أتى الكثير من الجمعيات الرهبانية الكاثوليكية، رجالا ونساء، للاستقرار في ارض السيد المسيح وقاموا بأعمال كبيرة ومثمرة، وأسسوا مراكز وقاموا بخدمات عدة وفي مجالات شتى، مما أعطى الكنيسة الكاثوليكية دفعة كبيرة وحضورا ملموسا وواضحا.

    وفي نفس الوقت عرفت الكنائس الارثوذوكسية نموا ملحوظا في المراكز والأعمال.

    هناك حركة جديدة في إسرائيل وهي مجموعة كاثوليكية صغيرة من "اليهود المسيحيين" .

    وقد حاولت مختلف الكنائس ان تستولي على العديد من الأماكن المقدسة. وبقيت هذه المسألة لعدّة قرون موضوع نزاع بين الجماعات الكنسية. وفي سنة 1757 أصدر السلطان التركي فرمانا سمّي "بالستاتو كوو" أو سياسة الوضع الراهن حيث جمّد المسألة المتنازع عليها، ونص على إبقاء الأماكن المقدّسة في الحالة التي وجدت عليها.

    مجموع تعداد السكان العام في إسرائيل وفلسطين هو 11 مليون نسمة تقريبا. ومجموع تعداد سكان دولة إسرائيل هو 7،241،000 منهم مليون و449،000 عرب. وتعداد سكان الضفة الغربية هو 2،400،000 وتعداد سكان قطاع غزة هو مليون و450،000 نسمة، ويبلغ مجموع العرب في الضفة والقطاع حوالي 3،850،000 .

    ومن المجمل العام لهذا التعداد فعدد المسيحيين من مختلف الكنائس هو 200،000، منهم 135،000 في إسرائيل، و65،000 في الأراضي الفلسطينية.

    لا يشمل هذا التعداد الأشخاص الذين هاجروا من دول أوروبا الشرقية إلى إسرائيل، وذلك يعود لسببين :

    1-ان المهاجرين لإسرائيل يخفون حقيقة ديانتهم المسيحية.

    2-او ان وضع المسيحي- الاسرائيلي في إسرائيل لا يعترف به.

    ولكن هناك مصادر تتحدث عن 250،000 الى 300،000 مسيحي في إسرائيل بدون العرب.

    والكنائس الأرثوذوكسية والكنائس الكاثوليكية متساوية في العدد ولكن هناك عدد اكبر قليلاً للكنائس الكاثوليكية. ومجموع الجماعة الانجليكانية والكنائس المختلفة البروتستنطية لا تتجاوز 000 7 – 8000 مؤمن.

    وتصل النسبة المئوية الحالية للمسيحيين في الأرض المقدسة إلى حوالي 2% وهي نسبة مستمرة بالنقصان بالنقصان منذ قرون.

    في بدايات القرن التاسع عشر وصلت نسبة المسيحيين في فلسطين التاريخية الى حوالي 10% من عدد السكان. خروج المسيحيين من المنطقة مستمر. والأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة هي عدم الاستقرار والصعوبات السياسية والاجتماعية، وتنامي الحركات المتطرّفة، وممارسة التمييز أحيانا تجاه الأقليات المسيحية. ومعظم المسيحيين يتواجدون في منطقة الجليل وفي القدس وحواليها. وفي الضفة الغربية تتواجد الأكثرية في مدينة بيت لحم، والعدد القليل في منطقة رام الله و أريحا ونابلس . القرية الوحيدة في الأرض المقدسة التي تجد جميع سكانها مسيحيين هي الطيبة ، بالقرب من رام الله. ( وهنالك في الأردن بعض المدن القرى سكانها بالكامل مسيحيون مثل الفحيص والسماكية وشطنة).





    تواريخ وأحداث هامة:

    30 نشأة الجماعة المسيحية الأولى في القدس.

    36-37 استشهاد اسطفانوس وتشتت قسم من الجماعة وفي أنطاكية سوريا دعي أتباع المسيح لأول مرة مسيحيين. اهتداء القديس بولس.

    40-42 استشهاد الرسول يعقوب الكبير، أخو القديس يوحنا في القدس.

    49 يعقوب الصغير- أخو الرب- يرأس الجماعة المسيحية في القدس.

    70 تدمير الهيكل اليهودي الثاني من قبل الرومان.

    313 مرسوم الأمبراطور قسطنطين الذي سمح بشرعية الديانة المسيحية.

    325 المجمع المسكوني في نيقيا وإدانة أريوس.

    330-634 الحكم البيزنطي في فلسطين.

    381 المجمع المسكوني في القسطنطينية يقر أولوية القسطنطينية شرفياً بين الكنائس الشرقية.

    431 مجمع أفسس وإدانة نسطوريوس.

    451 مجمع خلقيدونية وإدانة أوتيخا.

    614 هجوم الفرس على فلسطين.

    628 الاكتساح البيزنطي الثاني.

    636- 1099 الحكم العربي الإسلامي في فلسطين.

    1054 الانشقاق الكبير بين بيزنطة وروما.

    1099 – 1291 الحكم الصليبي في فلسطين.

    1187 جيوش صلاح الدين تهزم الصليبيين في معركة حطين في الجليل.

    1217 القديس فرنسيس الاسيزي يصل حدود منطقة الأرض المقدسة.

    1260 القديس بونافنتورا يحدّد حراسة الأراضي المقدسة في فلسطين وسوريا ولبنان وقبرص.

    1291- 1517 فترة حكم المماليك.

    1517- 1917 فترة الحكم العثماني.

    1757 تطبيق مرسوم السلطان لتنظيم وتثبيت العلاقات بين الكنائس المسيحية في خمسة أماكن مقدسة: كنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة القيامة في القدس، ودير السلطان، وكنيسة الصعود وكنيسة رقاد العذراء في القدس.

    1831-1840 فرنسا تحصل من السلطان العثماني على امتياز حماية الرعايا الكاثوليك وروسيا للأرثوذكس وبريطانيا العظمى للانجليكان وبروسيا (ألمانيا) للبروتستنت (اللوثريين).

    1841 وصول الانجليكان واللوثريين إلى الأرض المقدسة.

    1847 إعادة تأسيس البطريركية اللاتينية في القدس.

    1882 إنشاء أول مستعمرات عبرية في فلسطين.

    1917 احتلال بريطانيا العظمى لفلسطين.

    1947 هيئة الأمم المتحدة تقر تقسيم فلسطين إلى دولتين : واحدة عبرية والثانية عربية.

    1948 إعلان نشوء دولة إسرائيل وأول حرب عربية إسرائيلية.

    1956 الحرب العربية الإسرائيلية الثانية.

    1964 حج البابا بولس السادس إلى الأرض المقدسة.

    1967 المواجهة الثالثة بين العرب وإسرائيل.

    1973 الحرب الرابعة بين العرب و إسرائيل.

    1979 معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

    1987 الانتفاضة الأولى في الأراضي الفلسطينية.

    1993 اتفاقية أوسلو بين إسرائيل وفلسطين ونشأة السلطة الوطنية الفلسطينية.

    1994 علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والكرسي الرسولي.

    2000 اتفاقية مبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية والكرسي الرسولي.

    2000 حج البابا يوحنا بولس الثاني إلى الأرض المقدسة اشتعال الانتفاضة الثانية.



    البطريركية اللاتينية

    وُجِدت، في القرون الستة الأولى، في القدس سلطة دينية واحدة، هي البطريرك، سُمّي بالبطريرك الأرثوذكسي لاحقاً جراء الانقسامات التي حلت بالكنيسة.

    بقدوم الصليبيين عام (1099) تم تأسيس رئاسة كنسية لاتينية، وتم تسمية بطريرك لاتيني لهذه الكنيسة. وبالنسبة للكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت فإن البطريرك اللاتيني كان يمثل وحده السلطة الدينية القانونية، حيث أنه تم اعتبار الكنائس الأخرى الموجودة كنائس خارجة و هرطوقية.

    منذ ذلك، بقي الكرسي البطريركي حتى عام 1294، وككرسي شرفي في أوروبا، حتى عام 1847 حيث أعيد تأسيس الكرسي في مقره في القدس. وما زال مستمرا الى اليوم .

    في فترة غياب البطاركة اللاتين، كان الآباء الفرنسيسكان) حراسة الأراضي المقدسة (يقدمون الرعاية الدينية والاجتماعية للمؤمنين . وقد لعب الآباء الفرنسيسكان دوراً محورياً في تكوين وتشجيع الرعايا اللاتينية والمحافظة عليها.

    في عام 1336 أقامت مجموعة مكوّنة من 12 راهبا فرنسيسكانيا في القدس بالقرب من علية صهيون وبالقرب من القبر المقدس، وكان لهم الحق في إقامة الاحتفالات الليتورجية في كنيسة القيامة.

    بعد ذلك ببضع سنوات، أي في عام 1342، صادق البابا كليمنس السادس قانونيا على وضع ودور الآباء الفرنسيسكان، وبالتالي تم تأسيس لـ "حراسة الأراضي المقدسة " رسميا".

    كانت أعمال الآباء الفرنسيسكان عديدة ومثمرة، إن كان في مساعدة الحجاج القادمين لزيارة الأراضي المقدسة أو في تقديم الرعاية اللازمة للمؤمنين المحليين . وحتى يومنا هذا ما زالوا يُعتبرون "حُرّاس الأراضي المقدّسة الكاثوليكية"، ويديرون شؤون العديد من الرعايا الموجودة ضمن إطار البطريركية اللاتينية.

    تمّت إعادة تأسيس البطريركية اللاتينية رسمياً مع تعيين البطريرك يوسف فاليرغا في العام 1847، وتسلَّم مهامه في القدس في السابع عشر من كانون ثاني عام 1848 عندما دخل كنيسة القبر المقدس "كنيسة القيامة" في احتفال مهيب.

    كان نطاق سلطة البطريرك يمتد، بالإضافة إلى منطقة فلسطين ) في ذلك الوقت(، أيضا على الضفة الشرقية وقبرص. ولغاية اليوم فإن نطاق سلطة البطريرك ما زال ممتدا على نفس الأراضي، على الرغم من التطوّرات والتغيرات السياسية التي حصلت.

    في نفس العام (1848) أسّس البابا بيوس التاسع نظام "فرسان القبر المقدس"، بهدف تقديم الدعم والمساعدة للمسيحيين الذين يعيشون على أرض المسيح.

    في فترة القرن والنصف التي مضت على إعادة تأسيس البطريركية اللاتينية، فإننا اليوم نشهد التطور الملموس الذي عاشته الكنيسة اللاتينية. فهي تُعَد بعدد مؤمنيها واحدة من أهم ثلاث كنائس موجودة في الأراضي المقدسة والأردن إلى جانب الطائفة الأرثوذكسية وطائفة الروم الملكيين. فتعداد اللاتين اليوم فلسطين واسرائيل يقدّر بحوالي 44 ألفا وفي الأردن 33 ألفا.

    عمِلَت هذه الكنيسة على تنظيم نفسها متحدة بالتنظيم الكنسي، فأوجدت شبكة من المؤسسات والخدمات المتعددة: المؤسسات الكنسية، التربوية، التعليمية، الصحية، الإجتماعية، الثقافية، المسكونية، الحوارية، ... الخ، فالأرقام وحدها تستطيع أن تتحدث عن ذلك:

    رعايا البطريركية اللاتينية في الأراضي المقدسة 29.

    رعايا البطريركية اللاتينية في الأردن 34.

    رعايا البطريركية اللاتينية في قبرص 6.

    هذا بالإضافة إلى التواجد في 13 موقع آخر.

    عدد الكهنة الذين يقومون بالخدمة 80 كاهناً محلياً، من الأردن وفلسطين. ويتخرّجون من المعهد الاكليريكي في بيت جالا . بعد تخرجهم يقوم بعضهم بالتخصّص في عدة مجالات في مراكز أجنبية متعددة.

    في عام 1987 وبعد ستة بطاركة من إيطاليا، تم انتخاب أول بطريرك عربي، البطريرك ميشيل الصباح. و يوجد في كل من الأردن وإسرائيل نائب بطريركي للاتين، في مدينتي الناصرة وعمان.

    ويقوم بعض الكهنة المحليين بتقديم الخدمة الرعوية أيضاً للجاليات الأجنبية المقيمة في الأردن وفلسطين، هذه الجاليات من دول : الفليبين، رومانيا، بولندا، روسيا ... الخ.

    عدد المعاهد والمراكز الدينية اللاتينية للذكور (31)، وللإناث (72). ويقدّر عدد الأعضاء في هذه المعاهد بحوالي ( 1700). وبشكل عام فهؤلاء يديرون مراكز عدة معظمها مراكز تربوية، مراكز تنشئة، مراكز خيرية. بالإضافة إلى شبكة من المدارس، والمعاهد العليا (ومن ضمنها جامعة بيت لحم)، معاهد الكتاب المقدس وأثرية، معاهد إكليريكية، مستشفيات، عيادات، ملاجئ، دور عجزة، مراكز إقامة للحجاج، مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة، هيئات إنسانية وخدمات اجتماعية. وتُقدَّم جميعها بالدرجة الأولى للمسيحيين، ولكن أبواب هذه المؤسسات مفتوحة أيضاً للمسلمين. البطريركية اللاتينية، كمؤسسة، لها أيضاً العديد من المدارس لا سيّما في الأردن وفي القرى.

    يجدر هنا تسليط الضوء على رهبانية " الوردية المقدسة"، لأنها رهبانية نشأت في حضن البطريركية اللاتينية في عام 1880، ويعود الفضل في تأسسيسها إلى الأم ماري الفونسين في القدس وإلى الأب يوسف طنوس في الناصرة. وبالإضافة إلى المدارس العديدة التي أنشأتها هذه الرهبنة وتديرها، فإنها تلعب دوراً رعوياً مميّزاً في رعايا البطريركية، جنباً إلى جنب مع كهنة البطريركية.

    وفي الإطار المسكوني يشار إلى معهد "طنطور"، الواقع بالقرب من بيت لحم، الذي أُسس في العام 1964، كثمرة لزيارة قداسة البابا بولس السادس إلى الأراضي المقدسة.

    وتستخدم اللغة العربية عادة في الليتورجيا، والطقس المستخدم هو الطقس اللاتيني. ولكن، وبما أن الأراضي المقدسة هي محج ومركز للعديد من اللقاءات، فإن الغالبية العظمى من الإكليروس يتحدثون أكثر من لغة. وفي بعض الرعايا التي تُعتَبَر خليطا من جنسيات ولغات مختلفة، فإن القداس الإلهي يحتفل به أيضاً بلغات عديدة وبساعات مختلفة، تعتمد على احتياجات تلك المجموعات.

    أما في المزارات والأماكن المقدسة فمن المنطقي أن يُحتفل بالطقوس الليتورجية بلغة مجموعات الحجاج. ولهذه الأماكن المقدّسة ليتورجيتها الخاصة والمرتبطة بالحدث المقدس المرتبط بذلك الموقع.

    من الواضح أيضاً أن أبرشية القدس، كباقي الأبرشيات الأخرى، لها رزنامتها الخاصة بالقديسين والاحتفالات الليتورجية. وتحتوي رزنامة القديسين على أسماء عدد من رهبان فلسطين (إيلاريون، إوتيميوس، ثيودوسيوس، سابا ... )، وعلى بطاركة القدس مثل كيرلس وصفرونيوس...) والشهداء (لونجينوس، زينون وزيناس). حتى وقتنا الحاضر فقد تم إدراج اسم راهبة واحدة على قائمة الطوباويين : الراهبة الكرملية مريم بواردي ليسوع المصلوب، المولودة في بلدة عبلين في الجليل. في حين التحضيرات لإعلان تطويب كلٍ من : سمعان سروجي السالزياني، المولود في الناصرة، والراهبة ماري ألفونسين غطاس، مؤسسة راهبات الوردية، والمولودة في عين كارم.

    يتم الاهتمام بالحياة الرعوية بأشكال متعدّدة. ففي ذكرى اليوبيل (2000) ، بعد خمس سنين من المشاركة الفعالة من قِبل الرُعاة والمؤمنين وبالتعاون الوثيق مع الكنائس الشرقية الكاثوليكية الخمسة، تم إقرار المخطط الراعوي. الأمر الذي أدى إلى إحياء الرعايا وتفعيلها، بمشاركة نخبة من الكهنة الغيورين، والمؤمنين المتحمّسين والمنخرطين في العمل التنظيمي والرعوي . وكثرت النشرات والمجلات التثقيفية في العديد من الرعايا وباللغة العربية، ولم يقتصر الأمر على المجلات فقط بل كثرت أيضاً المواقع الالكترونية الإخبارية المفيدة. أما الشعب المؤمن، ومع أنه يتبع الطقس اللاتيني فقد احتفظ بالتقاليد الشرقية القديمة، في الصوم، والعبادات الشعبية، تقاليد الحج المحلي لبعض المواقع، وعادات الأفراح والأتراح. وقد نضج الالتزام بالعمل المسكوني بوضوح أكثر بعد انطلاق أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965) وتطوّر فهم أكثر لعمق الإحساس المسكوني لدى الكنائس الكاثوليكية.

    رحلات الحج من البابا بولس السادس (1964) ويوحنا بولس الثاني (2000) للأراضي المقدسة، والرسائل الرعوية لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك ، ورسائل البطريرك اللاتيني في القدس، وجمع عائلة الكنائس الكاثوليكية في "مجلس كنائس الشرق الأوسط" ، كل ذلك ساعد على السير في العمل المسكوني، وقد سرت هذه الروح أيضا لدى الشعب المؤمن . كان الحوار المسكوني يتعلق بالحياة اليومية للمؤمنين أكثر منه حواراً لاهوتياً وانعكس في العيش المشترك، الأخوة، الخدمة، المشاركة، الصلاة الواحدة، الاحترام المتبادل والقدوة الحسنة.. ومن الأمور المحسوسة كانت توحيد تواريخ الأعياد الهامة كعيد الفصح المجيد في الأردن وفي رعايا عديدة في فلسطين واسرائيل باستثناء بيت لحم والقدس بسبب مجيء الحجاج وسياسة الوضع الراهن أو ما يسمّى بالستاتو كووه. وان الرضى المشترك بالزواجات المختلطة بين أتباع الكنائس ، وأحيانا بحضور كهنة الرعايا من الطقوس المختلفة ، يعزز ثقافة العيش المشترك والتعليم الديني في المدارس.

    جدير بالذكر أيضا أنّ هنالك جماعات كاثوليكية مرتبطة بالبطريركية اللاتينية في القدس، وتعتبرها مرجعية لها. وهي الأقباط الكاثوليك والكاثوليك الناطقون بالعبرية، والروس الكاثوليك والكاثوليك الوافدون من كل أنحاء العالم، والمتجمعون في جماعات وطنية .



    كنيسة الروم الكاثوليك الملكية- أنطاكية

    يأتي مصطلح "ملكيين" من كلمة ملك، أي الحاكم وذو السيادة العليا. والملكيون هم الذين تحالفوا مع الملك وناصروه. ويعود هذا اللقب إلى الإمبراطور القاطن في بيزنطية-القسطنطينية. فقد كانت سياسة الإمبراطورية آنذاك تملي على الشعب اعتناق العقيدة ذاتها وقبول إيمان واحد يعلنه الجميع. وحيث لم يكن هذا ممكنا، لأسباب مختلفة، في مناطق عديدة داخل الإمبراطورية، فأنه كان من الصعب تحقيقه في مناطق الجوار وخارج الحدود (أي في بلاد فارس، وأرمينيا). فقد كان المنشقون آنذاك أو المونوفيسيت (القائلون بالطبيعة الواحدة)1 خاصة في مدن أنطاكية والإسكندرية يطلقون لقب "الملكيين" على المسيحيين الذين كانوا يتبعون لاهوت مجمع خلقدونية (451) الذي دعا إليه ملك بيزنطية. أمّ اليوم، فيطلق هذا اللقب، على الروم الكاثوليك في الشرق الأوسط فقط. أما الروم الكاثوليك الذين يقطنون في دول البلقان والدول السلافية فيلقبون بالمنضمّين إلى روما UNIATES.

    يعود تاريخ الملكيين في الأصل إلى ما بعد مجمع خلقدونية وتحديدا إلى منتصف القرن السابع عشر. حيث بدأ الروم الكاثوليك بالتواجد كجماعات مسيحية في مدن حلب ودمشق ونواحيهما، وذلك بفضل عمل المرسلين (المبشرين) من اليسوعيين والآباء الفرنسيسكان الكبوشيين. وقد قدّم الملكيين آنذاك بعض الأساقفة الذين أعلنوا انضمامهم إلى كنيسة روما.

    و في العام 1724 انشقت كنيسة الملكيين في سوريا إلى كنسيتين: كاثوليكية وأرثوذكسية تتكونان من هيكلين تنظيميين متوازيين. وفي العام نفسه كانت خلافة البطريرك قد أدّت أيضا إلى ظهور جبهتين متناحرتين، تمخض عنها نشأة جماعة الملكيين الكاثوليك برئاسة البطريرك المنتخب كيريلوس السادس الذي نال اعتراف البابا بيندكتس الرابع عشر في عام 1729. وأخذت هذه الكنيسة الناشئة بالترعرع والتطوّر في التخوم المجاورة وخاصة في لبنان، وفلسطين والأردن، وبحضور بسيط في مصر ودول أخرى في الشرق الأوسط. واليوم، تشكل هذه الكنيسة ، بعد الكنيسة المارونية، الجماعة الكاثوليكية الأكثر نفوذا في المنطقة. حيث تضم أكثر من نصف مليون مؤمن. وإذا ما أضيف إليهم المؤمنون في المهجر والموزعون في أبرشيات مختلفة ( كندا، الولايات المتحدة، المكسيك، البرازيل، الأرجنتين، استراليا) فأنها تتخطى المليون مؤمن بكثير.

    يشكل الروم الكاثوليك "الملكيون" في الأرض المقدسة جماعة ذات حضور هام حيث يصل تعداد أتباعها إلى 63.000 . أما في الأردن فهم أقل عددا (حوالي 35.000).

    ومن ناحية الارتباط الكنسي التراتبي، يتبع الروم الكاثوليك بطريرك أنطاكية للروم الكاثوليك ويقيم في دمشق. وتمتد سلطة البطريرك لتشمل الأردن، لبنان، مصر، ودول أخرى في الشرق الأوسط إضافة إلى أتباعها في المهجر.

    ويبلغ عدد رعايا كنيسة الروم الكاثوليك في الأرض المقدسة والأردن أكثر من 70 رعية يعمل على خدمتها اكليروس عربي. ويرأس هؤلاء مؤسسات عدة منها: مدارس، مستشفيات، معاهد اكليريكية، مراكز تعليم مسيحي، مراكز رعوية، ودور ضيافة. وفي القدس للكنيسة كاتدرائية يقيم فيها النائب البطريركي، ولها أيضا كنيسة القديسة فيرونيكا بالقرب من المرحلة السابعة من مراحل درب الآلام. وفي الناصرة أيضا، تعود إلى كنيسة الروم الكاثوليك الكاتدرائية الواقعة قرب مزار المجمع اليهودي في الناصرة والمرتبط بحسب التقليد بحياة يسوع الخفية والعلنية.

    وتتعاون العديد من المؤسسات والمراكز الدينية، والجمعيات الرهبانية ذات الجذور الشرقية وأيضا اللاتينية، في الحقل الرعوي وفي المؤسسات التعليمية والاجتماعية. ومما يميّز الكنيسة في الشرق الأوسط وفي الأرض المقدسة أنها كنيسة عربية، أي أنّ مؤمنيها جميعهم من العرب وأن الطقوس الليتورجية فيها تقام باللغة العربية. وفي إطار الخصوصية التي تتمتع بها هذه الكنيسة المتجذّرة في العالم العربي، تسعى جاهدة للدفاع عن أصالتها وعن الحقوق الكاملة للعرب المسيحيين كمواطنيين يشكلون جزءا أساسيا من المجتمع. أما التوجه السياسي السائد فهو الوطني.

    وتكمن السمة اليونانية لكنيسة الروم الكاثوليك في جذورها البيزنطية المحفوظة في الإرث الكنسي: الليتورجي، الروحي، اللاهوتي (الطقس البيزنطيني)، والأيقونات. وقد أعطيت أهمية كبرى لهذا التقليد بمختلف أشكاله : في بنيته الداخلية ( هيكليتها البطريركية، السينودية، والأسقفية)، كما في تركيبته النسكية (النساك الذين يتبعون قانون القديس باسيليوس )، تنشئة الاكليروس والتعليم المسيحي، وفي الحياة الليتورجية. وفي هذا تتميز هذه الكنيسة عن غيرها من الكنائس الكاثوليكية الشرقية التي تقوم أصلا على منظومة أكثر عرقية.

    كانت كنيسة الروم الكاثوليك دؤوبة في حركة الانضمام وهي ما تزال اليوم فاعلة في الحركة المسكونية أيضا. وفي هذه المنطقة تتمسك الكنيسة بصلات تعاون وثيق مع الكنيسة الأرثوذكسية وقد قطعت شوطا متقدّما في الحوار المسكوني. تعمل كنيسة الروم الكاثوليك أيضا على زرع بذور وتنمية الحوار بين الأديان وخاصة مع المسلمين. وفي حضن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة، تحافظ كنيسة الروم الكاثوليك على صوت الشرق المسيحي وعلى المساواة في الكرامة التي تتمتع بها الكنائس الشرقية مع الكنائس الكاثوليكية اللاتينية. وتنظر كنيسة الروم الكاثوليك إلى نفسها عضوا رئيسيا من أجل التقارب بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية. ولهذا يعتبر الكثيرون هذه الكنيسة بمثابة الجسر الرابط بين الكنيستين.



    كنيسة أنطاكية الكاثوليكية المارونية

    يعود اسم الموارنة إلى القديس مارون، وهو أحد الوجوه اللامعه والموهوبة في عالم النسك الرهباني في الكنيسة السريانية، الذي ألّف حوله جموعا كبيرة من التلاميذ والاتباع في القرن الرابع الميلادي. وبجوار ضريحه، أسس هؤلاء ديرا رهبانيا في ضواحي اباميا بالقرب من مدينة حلب. وفي القرن الثامن الميلادي رحل هؤلاء الرهبان، يصحبهم عدد كبير من المؤمنين، الى منطقة جبل لبنان بحثا عن الحماية والأمن وهربا من الاضطهاد والتمييز السياسي والديني. ومع مرور الزمن قاموا بتطوير كنيسة ذات هوية خاصة، وذات استقلال في الحكم الكنسي، ولها سلطتها الاجتماعية والسياسية، واختاروا أسقفا ليرأس هذه الكنيسة. وقد اتخذ هذا الاسقف لنفسه لقب بطريرك انطاكية وسائر المشرق.

    ورغم تعاقب السلطات والحكومات المختلفة على لبنان، فقد حافظت الكنيسة المارونية ولقرون عدة على شكل من الاستقلالية الذاتية في الحكم والادارة. وفي القرن الثاني عشر ونتيجة للحملات الصليبية ازدهرت علاقاتها بالكنيسة اللاتينية وبالغرب. وفي عام 1182 أكدت الكنيسة المارونية بصورة رسمية على اتحادها بكنيسة روما، معتبرة انها لم تنفصل عنها أبدا بصفتها مركز ايمانها الكاثوليكي، لا عن طريق الهرطقة او الانشقاق. وتعتبر الكنيسة المارونية الكنيسة الوحيدة بين كنائس الشرق التي لا مقابل لها في الكنيسة الارثوذكسية. فقانون ايمانها هو كاثوليكي بحت. وهي متواجدة الآن في لبنان وتعتبر كبرى الكنائس فيه من حيث العدد (850 ألفا) والوزن السياسي والاجتماعي والثقافي او التقليد الكنسي. يضاف الى هذا العدد ما يعرف بكنيسة الشتات الكبيرة، حيث ان عدد الموارنه المتواجدين في المهجر يفوق بكثير عددهم في بلدهم الأصلي (3.000.000 ) ويعمرهم حس قوي بالانتماء الى بلد جذورهم الأصلي.

    المقر البطريركي هو في بكركي، التي تقع على بعد 15 كم الى الشمال من بيروت، ويحمل البطريرك اسم بطرس كاسم أول له، دلالة على ارتباطه بانطاكية، التي كان بطرس الرسول أول رئيس لها. وتوجد في هذه الكنيسة أعداد كبيرة من الاكليروس والجمعيات الرهبانية، محلية كانت أم أجنبية. والدعوات الرهبانية والكهنوتية مزدهرة فيها. أما الحياة النسكية، التي كانت تشكل دائما المركز الحيوي والدافع للكنيسة المارونية، فمزدهرة جدا أيضا. أما ليتورجية الكنيسة المارونية فتتبع التقليد السرياني الغربي، وان كانت قد اقتبست مع مرور الزمن بعض العناصر من التقليد السرياني الشرقي، ومن الطقس اللاتيني في وقت لاحق. ولذلك فان حركة الاصلاح الليتورجي الحالية تحاول العودة الى نقاء التقليد الانطاكي، وتخليصه من التأثيرات الخارجية التي علقت به على مر العصور. ومن ال 62 انافورة القديمة، فان كتاب القداس الحالي احتفظ بست منها فقط، وهي المرتبطة بالرسل بطرس ويعقوب ويوحنا ومرقص ويوستس والرسل الاثني عشر. اما لغة الطقوس الليتورجية فكانت لعصور طويلة اللغة السريانية، أما اليوم فهي اللغة العربية (في منطقة الشرق الأوسط)، مع الاحتفاظ ببعض الأجزاء باللغة السريانية. ويشكل العمل الرعوي وتنشئة الاكليروس والتربية الدينية والحوار المسكوني والديني مركز اهتمام هذه الكنيسة ومتابعتها، وهي محاور حيوية وناشطة.

    وفي الأرض المقدسة يتوزّع الموارنة من حيث صلاحية الحكم الى منطقتين: ابرشية حيفا والارض المقدسة (التي أنشئت عام 1996) والنيابة البطريركية في القدس والاردن (التي أنشئت عام 1895). وتضم المنطقة الاولى حوالى 7000 مؤمن، والثانية 500 مؤمن. ويعود حضور الموارنه في المدينة المقدسة الى القرن السادس عشر، وهناك اليوم اربع مؤسسات رهبانية نسائية من أصل لبناني ماروني تعمل في الارض المقدسة.



    الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في قيليقية

    يعود أول عمل تبشيري لنشر الإيمان المسيحي في المنطقة الأرمينية للقديسان الرسولان برثلماوس وتداوس وتلاميذهما. والمرحلة المكثفة والجهود المضنية في سبيل دخول الشعب في الإيمان المسيحي تعود للقديس كريكور المنوًر الذي استطاع هداية الملك درتاد الثالث وجزء من الشعب.

    وأول كاتدرائية مسيحية في العالم هي كاتدرائية (اجميادزين)، وهي ليست بالبعيدة عن العاصمة الأرمينية يريفان، وتعتبر (اجميادزين) أول مقر للكنيسة الأرمينية.

    عانت الكنيسة الأرمينية الصعوبات الجمة، ونلحظ هذا واضحا من شدة أطماع الدول المجاورة، وبقية الدولة الأرمينية مدة طويلة تقاسي من الهجمات القوية المدمرة من قبل (المغول والأتراك والمماليك والسوفيت), والذين بذلوا جهودا ومحاولات لفرض النفوذ على الأرمن. وهذا كله حمل الدولة الأرمينية لمواجهة كثير من الأزمات والمشاكل والحروب والتي بدورها حصدت أعداد لا باس بها من الموتى، والإبعاد والهجرة لمجموعات كبيرة.

    كان الحدث الأعظم الذي حصد الكثير من الموتى، المجزرة التي تعرّضت لها الدولة الأرمينية من مواطني الدولة العثمانية، عام 1915م، والتي راح ضحيتها مليون ونصف المليون أرمني وهو يوازي حوالي 30% من عدد الأرمن في العالم.

    وكان العام 1742م نقطة انطلاق البطريركية الكاثوليكية الأرمينية. وتأخذ البطريركية من بزمار التي تقع إلى الشمال من بيروت وتبعد عنها حوالي 10كم مقرا لها.

    يصل عدد المسيحيين الأرمن إلى حوالي 6,000,000 نسمة، منهم 350,000 كاثوليكي وحوالي 200,000 إنجيلي. والعلاقات ما بين الثلاث مجموعات الأرمينية تعد جيده. فلهم حضور واضح في الشرق الأوسط وخصوصا بإتحادهم مع بعضهم البعض وتواجدهم في المدن الكبيرة. ويحمل البطريرك الكاثوليكي كما هو الأرمني اسم بطرس الأول.

    يعود التواجد الأرمن في الأرض المقدسة إلى القرن الخامس الميلادي. والسواد الأعظم منهم يتبع للكنيسة الرسولية. وأما التابعين للكنيسة الكاثوليكية فلا يتجاوز عددهم 500 نفس موزعين على القدس، وبيت عنيا، رام الله و حيفا. وتقيم السلطة الدينية الأرمنية في دار النيابة البطـريـركيـة الأرمنيـة في القدس، وأوّل نائب بطريركي أرمني يعود إلى 1856م.



    كنيسة بابل للكلدان الكاثوليك

    شرعت الكنيسة الكلدانية تستخدم هذا الاسم منذ عام 1445، واستخدم البابا اوجبينوس الرابع هذا اللقب للدلالة على المستعمرة السريانية الشرقية في قبرص والتي قبلت بسلطة البابا. وبعد قرن من ذلك. أي في عام 1553 رسم الباب جوليوس الثالث رئيس الدير يوحنا سولاف أسقفاً وأعطاه اسم البطريرك سمعان الثامن، بطريرك بابل للكلدان.

    وبذلك، نشأت الجماعة الكاثوليكية الشرقية متوجهة نحو النمو والمنعة والتطوّر. ولقد تألم المؤمنون الكلدان كثيراً في القرون الماضية بسبب الاضطهاد – والقتل والتهجير والتمييز، الأمر الذي نتج عنه تناقص في عدد المؤمنين. كما أنّ تلك الأعمال قد استدعت خروجاً قسرياً وتشتتاً في بلدان متفرقة من العالم.

    يشير الكرسي البطريركي في بغداد أن عدد الكلدان هو تقريبا 700،000 شخص والعدد الأكبر منهم ما زال في العراق أو في إيران. لكن في السنوات الأخيرة، سجلت عمليات نزوح كثيرة. بسبب الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية في البلاد. وبين الأعوام 2003-2007 نزح نصف المسيحيين تقريباً إلى خارج البلاد. وتستخدم الكنيسة الليترجيا الكلدانية التي حافظت على التراث السرياني الشرقي. وتستخدم اللغة العربية في معظم الطقوس. دون إهمال اللغة السريانية في بعض المقاطع وأيضاً في صلاة الساعات.

    وتتجه العلاقات المسكونية مع الكنيسة الأشورية الشقيقة إلى الأمام على المستويين اللاهوتي والرعوي. فقد تكثفت في السنوات الأخيرة جهود التوحيد الرعوية واللاهوتية سيراً مشتركاً نحو الوحدة الكاملة.

    وفي الأرض المقدسة هنالك نيابة بطريركية أسست عام 1908 وكرسيها في القدس. في المدينة المقدسة هنالك بعض العائلات المنتمية إلى هذه الكنيسة الصغيرة جداً. بينما في الأردن يعدّون بالألوف ، وهم الذين فروا إلى الأردن طلباً لملجأ آمن بسبب الأوضاع المأساوية في العراق



    كنيسة أنطاكيا للسريان الكاثوليك

     الكنيسة السريانية في أنطاكية مستقلة بلغتها السريانية ومختلفة وممَّيزة عن الكنيسة الخلقيدونية الحاضرة في ذات المنطقة رغم أنها انبثقت عن مجمع خلقيدونية عام 451. لها ليترجيتها وتقليدها الخاصّان بها. بينما الكنيسة الأخرى تستخدم اللغة اليونانية بعد أن تبنت الطقس البيزنطي. وقد رسم المطران يعقوب بارادو (القرن السادس) بالخفية أساقفة وكهنة عديدين في هذه الكنيسة المنتشرة في الشرق الأوسط. مما أعطاها حياة و صلابةً واستمرارية.

    تعود الكنيسة السريانية الكاثوليكية إلى عام 1782 عندما اهتدى رئيس الأساقفة السرياني الأرثوذكسي في حلب ميشيل جروة إلى الكاثوليكية عام 1774، فاختير بطريركاً من البابا في روما في العام ذاته. فنشأ التنافس وازدواجية الحكم.

    وكان هنالك وحدة جزئية مع كنيسة روما، وفي القرنين الثالث عشر والرابع عشر، عمد المرسلون الدومنيكان و الفرنسيسكان إلى استقطاب المؤمنين إلى الكثلكة. وبعد مجمع فيرارا- فيرنسه (1438- 1439) وقعت اتفاقية الوحدة بين الكنيستين السرياني الأرثوذكس مع روما. لكن ذلك لم يجلب ثماراً دائمة. واليوم يمتد نفوذ البطريرك السرياني الكاثوليكي على النيابات البطريركية في لبنان وتركيا والقدس. وهنالك نيابات في بلدان أخرى في العالم في الشرق الأوسط والغرب وهي تقدم خدمات للمؤمنين المشتتين في العالم. و إجمالا عدد المؤمنين هو 200 ألف تقريباً.

    وفي السنوات الأخيرة، تطوَّرت بعض العلاقات المسكونية المتشددة بين كنيستي السريان الكاثوليك والأرثوذكس. بهدف تعزيز التعاون الرعوي وإمكانية إيجاد صيغة موحدة لثلاثة أسرار (المعمودية ، والأفخارستيا ومسحة المرضى).

    ويتحقق حضور السريان الكاثوليك في الأرض المقدسة في النيابة البطريركية في القدس والتي تأسست سنة 1890. وتشمل النيابة رعيّتين: في القدس وفي بيت لحم. وهنالك أيضاً رعية في عمَّان – الأردن.



    حراسة الأراضي المقدسة

    أثناء غياب البطاركة اللاتين، ومع عودةِ الترتيب الكنسي الأرثوذكسي بعد سقوطِ الصليبيين ووصول المماليك والعثمانيين إلى الحكم في الشرق، أمّن وجود الرهبان الفرنسيسكان المستمر العناية الدينية والرعوية والاجتماعية الضرورية للمؤمنين الكاثوليك في الأرض المقدسة. ولقد كان لرهبان القديس فرنسيس الأسيزي المعروفين في الشرق بالاسم الشعبي:" الرهبان ذوي الحَبْل"، دور أساسي في المحافظة على مختلف الجماعات الكاثوليكية والمساهمة في تكوينها وتطويرها.

    ففي سنة 1336، وبدعمٍِ من ملكِ نابولي روبرتو دي آنجو (Roberto d'Angio) الذي كان قد سَبَقَ وحصل في سنة 1333 على حق مُكتسب لحماية وحراسة الأماكنِ المسيحية المقدسة من سلطان مصر، استقرّت مجموعة مكوّنة من اثني عشر راهباً في القدس بالقرب من العلية على جبل صهيون، وتمتعت هذه المجموعة بحق إقامة الصلوات والاحتفالات الدينية المقدسة في كنيسة القبر المقدس (القيامة). وبعد بضع سنوات، وتحديداً في 1342، صادق البابا كليمنضس السادس (Clemente VI) على وضعهم القانوني، وتشكّلت بذلك حراسة الأراضي المقدسة رسمياً.

    ويجدر التنويه إلى أنه وبفضل الإخوة الفرنسيسكان العاملين في الأرض المقدسة، انتشرت في العالم الكاثوليكي بعض العبادات التقويّة المُحبَّبَة إلى قلوب المسيحيين: كرياضة درب الصليب بمراحلها الأربعة عشرة التقليدية، والتساعية التحضيرية لعيد الميلاد بقراءاتها المقدسة وترانيمها المؤثّرة، إضافة إلى نشر تقليد إقامة مغارة الميلاد في الكنائس والبيوت المسيحية.

    لقد كان عمل "الإخوة الأصاغر" الفرنسيسكان مثمراً وثابتاً ومخلصاً، سواء في استقبال الحجّاج القادمين إلى الأرض المقدسة أم في الاهتمام بالمسيحيين الكاثوليك المحليين. وهم لا يزالون حتى اليوم الحرّاس الرسميين للأماكن الكاثوليكية المقدسة، ويلتزمون بالعمل المسكوني مع مختلف الكنائس، ويديرون معاهد مهمة لدراسة الكتاب المقدس والآثار وعدة كليات "التراسنطا"، إضافة إلى رسالتهم في عشر رعايا منضوية تحت مظلة ونظام البطريركية اللاتينية الأورشليمية.